تقرير مركز ماعت حول الأزمة المتولدة بسبب تأجيل مناقشة تقرير جولدستون

تأجيل مناقشة تقرير جرائم الحرب في غزة و إهانة العدالة الدولية
03\10\2009
الجرائم في حق الشعوب يجب أن لا تسقط بالتقادم ، وأرواح الأبرياء الذين قتلوا بالمخالفة لكل المواثيق والعهود الدولية يجب أن لا يغلفها النسيان وتلقى في سلة مهملات ذاكرة العالم ، فعلي المنظمات الدولية المعنية أن تقوم بمسئولياتها الأخلاقية في جعل هذه الأحداث حية على مسرح الأحداث
وأن توظف كل أدواتها وآلياتها في كشف مرتكبيها وفضحهم أمام ضمير الإنسانية ، لا أن تكتفي بتشكيل لجان وصياغة تقارير لا تلقى حتى حظها من المناقشة .
ويرى " ماعت" أن فشل المجلس الدولي لحقوق الإنسان في مناقشة تقرير جرائم الحرب في غزة الذي أعدته اللجنة المٌشكلة برئاسة القاضي الدولي ريتشارد جولدستون وتأجيله للدورة القادمة يمثل فشلا للمجلس الوليد قد يؤثر على مدى مصداقيته في المستقبل ، كما أنه سيؤثر بالقطع على مدى فاعلية آلياته الدولية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان ، ومن ثم مدى الاحترام الذي تتمتع به هذه الآليات من قبل الحكومات الوطنية .
ويأتي ذلك على الرغم أن التقرير لم يركز على إدانة إسرائيل فقط باعتبارها المسئول المباشر عن كل هذه الأحداث ، وباعتبارها تمثل أحد أعضاء المنظومة الأممية وهو ما يفرض عليها التزامات محددة ، بل إنه أدان حركة حماس أيضا حيث خلص التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي هاجم المدنيين بشكل متعمد ومنتظم، كما اتهم المسلحين الفلسطينيين بارتكاب جرائم حرب بإطلاقهم صواريخ على المدنيين الإسرائيليين ، وقد أعدت اللجنة المشكلة تقريرها بعد أن أجرت تحقيقا في 36 حادثة وتحدثت إلى عشرات من الشهود الفلسطينيين والإسرائيليين في غزة وجنيف، علما بأن إسرائيل رفضت التعاون مع اللجنة ومنعتها من دخول إسرائيل .
ويتضامن " ماعت " مع المنظمات غير الحكومية الدولية والعربية التي أدانت قرار تأجيل مناقشة التقرير وانتقدت وقوف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلف هذا التأجيل المتعمد ، حيث أن التأجيل في هذه الحالة يمثل تسويف لا مبرر له وسيسمح بمزيد من الوقت للمجرمين الذين أدانهم التقرير وطالب بتقديمهم إلى العدالة الدولية ليخططوا للإفلات من العقاب ويعدوا أوراقهم لهذا الغرض .

كما يدين " ماعت " بشدة عملية خلط الأوراق السياسية بالحقوقية التي تمارس على المستوى الدولي وجعل التسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان ثمنا بخسا للحصول على مكاسب سياسية رخيصة ، وعربونا لتحالفات وصداقات تتم على جثة الحق والعدل ، كما يتعجب من فشل الدول العربية الست الأعضاء في المجلس الدولي لحقوق الإنسان في طرح الموضوع على مائدة الدورة المنعقدة حاليا في جنيف رغم مرور حوالي 6 أشهر على انتهاء هذا التقرير .
وكانت منظمات المجتمع المدني العربية وعدد من المنظمات الأجنبية والدولية غير الحكومية قد دخلت في تحالفات معا من أجل توثيق الجرائم الإسرائيلية وملاحقة مرتكبيها واستنفاذ السبل القضائية والإعلامية في هذا الشأن ، كما سعت للضغط على المجتمع الدولي من أجل تشكيل لجنة تقصي حقائق في المجازر التي ارتكبتها اسرائيل في حق الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة ، وبالفعل أثمرت هذه الجهود عن " لجنة جولدستون " التي شكلها المجلس الدولي لحقوق الإنسان ، وقد مثلت هذه الجهود في حينها تجسيدا رائعا لتعاطي المجتمع المدني العربي مع قضايا الأمة والمخاطر التي تتعرض لها ، كما جسد هذا الموقف قدرة التنظيمات غير الحكومية العربية في التأثير على المستوى الدولي والتواصل الفعال مع الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان .
والمطلوب في الفترة القادمة أن تواصل منظمات المجتمع المدني العربية عملها من أجل إبقاء القضية حية في ضمير العالم والإصرار على مناقشة التقرير في الدورة القادمة للمجلس في شهر فبراير تمهيدا لإحالته للجمعية العامة للأمم المتحدة ، كما يجب استغلال تعاطف المنظمات الدولية غير الحكومية وحكومات بعض الدول مع القضية في الضغط على الدول الكبرى التي تعرقل إحالة الملف إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة .
كما يجب على المنظمات غير الحكومية العربية التي ستتاح لها فرصة المشاركة في اجتماعات الدورة القادمة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتي ستنعقد في الفترة من 8- 19 فبراير 2010 ، وكذلك تلك المنظمات التي تحظى بالصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة يجب أن تتكاتف معا لطرح القضية بقوة في الدورة القادمة .
وأخيرا يبقى أن نؤكد على أن المنظومة الدولية لحماية حقوق الإنسان وعلى رأسها المجلس الدولي الذي تم إنشائه في عام 2006 في اختبار حقيقي وفاصل لمدى فاعليته ومدى كفائته في إعمال النصوص والصكوك الدولية التي بذل العالم جهدا مضنيا للاتفاق عليها ، كما أن نظم العدالة والانتصاف الدولية هي الأخرى في اختبار أمام مسئولياتها على توفير روادع مناسبة لمنتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي جرائم الحرب .

Ayman Okail
General Manager